شقه الدور الأخير

 بدأ كل شيء عندما نوت جارتنا .. صاحبه شقه  الدور الاخير

أن تؤجر شقتها .. رغم تركها مهجورة سنوات طويلة ،

من الصغر ولم أرى أحد يسكن تلك الشقه ،
كانت عائلتى والجيران العمارة والشارع عندما يجتمعون  عادة
يحكون القصص المخيفه ، وكان يأتي دورنا هنا من نصيب قصص الظلام والرعب عن تلك الشقه فى الدور الاخير ،
يبدوا أن صاحب الشقه مات فيها .. فتركت زوجته بعدها المكان ورحلت مع أطفالها فى شقه بعيدة بين  أهلها .. ولم يراها احد  بعد ذلك ،
وأصبحت شقه مهجورة يحاوطها  الظلام الدامس لا يطلع عليها ضوء سوى نور الشمس .. حتى عندما يأتي الصباح لا يقترب أحداً من تلك الشقه ،
أخذوا يتحاكون عن أنهم يسمعون أصوات غريبه كثيراً تصدر من تلك الشقه .. خصوصا في الليل .. كان يقشعر بدنى كلما سمعت تلك القصص المخيفه ،
خصوصاً عندما كانت تأتى بنت جارتنا الصغيره ..
كانت تقريباً تصغرنى  بسنه .. عندما كانت تجلس معنا  فى تلك الاجتماعات ..كانت أكثر من يمتلك الشجاعه بعد سماع تلك القصص المخيفه ،
بكل قوة تعلن عن رغبتها  في أن تستكشف المكان ،
حتى مرة حمست فريق كامل  من أولاد الجيران ..
حامله رايه .. هيا بنا نستكشف سطح عمارتنا  ،
حقا بسبب تلك الشقه ...
لا أكاد أتذكر مرة واحدة ذهبنا فيها إلى سطوح منزلنا كبقيه أطفال شارعنا ،
طبعا كنت أول من يرتعب رافضاً لتلك التجربة التى لن ينجم عنها سوى موتى بسكته قلبية بالتأكيد ،
هذا كان تفكيرى وقتها ...
حيث أخذ على عاتقه هذا الجيش الصغير .. قراراً حاسماً أننا يجب أن نبدأ تلك المغامرة الآن ! ... حاملين العديد من الاسلحه من عصيان المقشات و أى شئ يقابلهم من المنزل  .. وعلى مقدمتها تلك الصغيرة ،
ماسكه يدى .. لا تريد أن تفلتها .. مهما كانت محاولاتي المستميتة فى الهروب  .. كأنى ذاهب الى مشنقتي  ،
ما الممتع فى هذا ؟ ولماذا أنا في المقدمة ؟
ولكن تم جرجرتي فى تلك المغامرة رغم أنفي ،
أخذنا فى الطلوع و ساقي ترتجفان .. حتي ظهر لنا ذلك الباب العتيق ..لشقه الدور الاخير ،
يبدوا للناظر باب متهالك .. يملأه الغبار وشبكات العنكبوت من كل جانب .. لم يلمس أحد المكان منذ أن مات صاحبه ،
مناسب جداً لقصه رعب أو بيت مسكون .. تتفق مع عقلي  الصغير وقتها .. هكذا كنت أراه ،
 و بدأنا فى الاقتراب ....
أغمضت عينى .. و أخدت أدعوا يارب عديها على خير  ،
وعندما بدأت افتح إحدى عيناي ...
وجدتها  تنظر لى بابتسامة عريضه .. لم يحدث شئ أتصدقني الآن !
مع ضحكه مسموعه فى سخريه ..
سمعنا صوت خروشه  عالى يأتي من ناحية الشقه ،
وبالطبع هرب الدم من راسي .. ولم أشعر بقدمى سوى وأنا اهرول بين الجموع  .. وبعدها اتهاوى بشدة على  السلالم ،
وتم تشخيص حالتى يومها تمزق فى أربطة الركبه ..  لشدة السقوط .. والتزمت الفراش فترة حتى تتعافى قدمى ،
رافضاً رؤيه أحد ممن  يرغب فى زيارتى .. معلناً قرارا حاسما لن أقترب من تلك الشقه مجدداً .
مرت السنوات بعيداً عن قصص تلك الشقه ،
حتى وقع على مسامعي قرار صاحبتها أخيرا ً فى تأجيرها ،
ياترى من يرغب أن يسكن مثل تلك الشقه ؟
قررت أننى لن أهتم .. ولكن الحقيقة لم أستطع تمالك فضول نفسي ،
ففي الاخير كانت تلك الشقه هى  سبب عقدة طفولتى ،
قررت النزول أسأل تلك الفتاة ، فكانت مازالت نشيطه كالعادة منذ الصغر ، ولكن حقا كانت دائماً من تمتلك جديد الأخبار
عن حكاوي الشارع والجيران ،
لا أظن أنها كانت تترك أى اجتماع للجيران يفلت من بين يديها .
وجدتها أمامى واقفه تتحدث مع احدهم أمام باب شقتها ،
حتى انتهت .. سألتها إذا كانت تعرف أى اخبار عن ذلك الساكن الجديد ! وما هى القصه ؟
اندهشت عندما اخبرتنى بأنها هى أيضا لا تعرف شئ .. رغم نبشها كثيراً وراء هذا الموضوع .. ولكنها لم تخرج بشئ ،
انتهى الحديث على أنها ستخبرني إذا وصل إلى سمعها أى جديد ،
ولكن  لم يمهلنا الوقت حيث أتى الجديد بنفسه .
وبالطبع كان هذا هو حديث الساعه بين الجيران وأكيد بين عائلتي ،
كان فى صباح أحد الأيام .. عندما استيقظ جيران العمارة على صوت مجموعة من العمال .. يتناوبون على تصليح تلك  الشقه
من جديد ،
وبالطبع لن يخفى على مسامع الجيران شيجار العمال مع
عم فوزى والد السيدة ..  عن مدى سوء تلك الشقه ،
وأنها ستأخد الكثير من العمل الشاق والتكلفة فى إعادة إصلاحها من جديد .
لا أعرف لماذا شعرت براحه كبيرة عندما وصلتني  تلك الأخبار ؟
أخيراً ستغلق تلك الصفحة و ستنتهى قصص ظلام تلك الشقه نهائياً من حياتى .

ومرت الشهور فى سلام 

ولكن عندما تعتقد بانتهاء كل شيء .. ليبدأ من جديد ،

لتبدأ تلك القصص الغربية من جديد عن المالكه الجديدة ،

يبدو أن الغموض لن يترك تلك العمارة ولا تلك الشقه فى حالها ،

بالطبع كانت المالكه الجديدة للشقه غامضة مثل شقتها ،

لا تشعر بها و لا تراها تتعامل مع أحد .. فى حالها منذ أن سكنت تلك الشقه ،

سيدة يبدو أنها مابين الأربعين والخمسين من عمرها .. 

لديها جسد ضخم عريض .. تستشعر بعض العضلات من ثنايا  ملابسها ..  ورغم ذلك كانت ذو خطوات خفيفه رشيقه تكاد لا تسمع لها صوت ،

لم يكن معها أى عائله ..كانت وحيده بدون زوج أو أطفال ..

لا يعلم أحد عن قصه حياتها شئ ،

كثيراً ما تراها تحمل أقفاص من الحديد .. تأتى بها إلى المنزل .. وأحيانا آخرى أقفاص مغطاة .. تستشعر حولها تلك الهالة المخيفه ممنوع الاقتراب ،

كانت سيدة مثيرة للدهشة و الغرابه !

يبدوا أن المغامرة أمراً مكتوب على تلك العمارة .. لا تحتاج أن  يذهب إليها أحد .. بل المغامرة من تأتى إلينا  .. لابد أن تُكتب إسم تلك العمارة فى التاريخ بعد كل هذا الغموض والاثاره ،

و مهما كانت رغبتك الملحه فى البعد عن تلك الأساطير .. لن يتركك الجيران فى حالك .. وإن تركك الجميع .. لن تترك تلك الفتاة المشاغبه .. كالعادة لا تتغير أبدا ً مهما مرت السنين ،

أخشى حقا أن الفضول قد يقتلها في يوماً من الأيام !

ولكن لن يردعها شئ .. وأتمنى أن يكون ذلك بعيدا ً عنى ،

ولكن لماذا دائما تجرجرنى معها في ذلك ؟

يا الهي ألن  تركتنى فى شأني  أبدا ً !

وبالطبع كانت أول من يعلن .. أنها ستكتشف لغز  ماوراء مالكه الشقه الجديده ،

ولكن هل تعلم أن مصير تلك العمارة يسبقها دائما ،

ليأتى ذلك اليوم المشؤم ، يحدث ذلك الزلزال العنيف ..

يرج بشدة جدران العمارة  علينا ، 

وبالطبع خلال دقائق معدودة ..كان الكل يهرول على السلالم .. يتسابقون كالخيول فيما بينهم من يصل إلى الشارع أولا ،

تجد الحجارة تسقط من كل اتجاه والمياة تسيل أنهار عليها ،

من شدة الاهتزاز .. انتزعت العديد من مواسير المياه الموصوله داخل الشقق ،

وبالطبع خلال تلك الأحداث ..

كانت كل الحظوظ من نصيبى .. وقت كل ذلك الصراخ  والهرج والمرج ..كان سيادتي يغط فى سابع نومه .. ومن صدمه الجميع لم ينتبه لى أحد  ،

لم أستيقظ سوى على اهتزازات السرير  العنيفة ،

خرجت بسرعه البرق ..  أبحث عن الجميع.. لم أجد أحداً.. حمدت الله ،  

وصلت إلى السلالم .. 

ويبدو أن تلك الفتاة .. هرعت إلى الأعلى .. لتبحث عنى عندما لم تجدنى معهم بالاسفل ، 

يبدوا أن تلك المغامرات تركت بعض الآثار فى قلبها ،

ِابتسمت  بشدة .. عندما رأتني بخير .. ثم وجدتها تهرول إلى الأعلى ،

نظرت لها فى استغراب .. ماذا هناك ؟

اخبرتنى.. أن تلك المالكه الجديدة .. لم تكن معهم .. وأنها تشعر بالقلق أن تكون محاصره بالمنزل وحدها ،

يالا رقه قلبك ! إذًا مع السلامه ،

ولكن هل هذا يجدى نفعا معها ؟ لتجذبنى من ذراعى معها ،

فلقد أصبحت عادة .. يبدوا أيضا أنها أصبحت قدرى ،

كانت الحجارة والمياة تملئ المكان !

حتى وصلنا  .. شقه الدور الاخير .. ليظهر الباب العتيق أمامى ولكن لم يعد عتيق .. كان جديداً تماماً ،

ليمر شريط الطفولة أمام عيناي .. كانت تلك المرة الأولى التي أراة فيها .. منذ ذلك الحادث ،

أفقت على صوتها تخبرنى .. أنظر الباب مفتوح !

كان موارباً  قليلاً .. أظن أن هذا حدث من شدة الاهتزاز وقتها ،

كان الغريب كميه تلك المياه الغزيرة .. التى تخرج من باب الشقه ..

كان من الواضح .. أنها كانت مصدر تلك المياه الغزيرة على السلالم،

تقدمت بفضولها المعتاد .. تفتح الباب على مصراعيه ،

تنادى على تلك السيدة  .. التى لم يعرف أحد أسمها حتى الآن ..

ولكن لم يصلنا أى جواب !

حقيقة هنا ..كان من واجبى الأخلاقي .. أن ندخل للبحث عنها ،

كانت تلك الاقفاص الحديدية مرصوصه  على مرأى العين ،

كان البعض منها غير سليم .. نتيجه سقوط بعض من حجارة السقف عليهم ،

ولكن كانت مجرد أقفاص لا يوجد بها شئ  !

ياترى ما فائده تلك الاقفاص ؟

ليأتى الجواب فوراً ...

حقا يجب أن أتوقف عن تلك الأسئلة ..

لأن الجواب غالباً ما يأتي عنيفاً ،

لتعلم فى ذعر .. عندما هجمت علينا .. مجموعه من الحيوانات ، لتجرى هرباً من الباب المفتوح توا ً  ..كان  باباً لا يجب فتحه ،

ولكن هل كان يوجد مجرد حيوانات أليفه ؟

فى صراخ شديد وصل الجواب مرة أخرى ..

أحمد أنظر للماء !

أجدها وقد تسلقت أحد الكنبات فى رعب شديد !

كانت تلك  المره الأولى التى أراها فيها تخاف و تستنجد مثل بقيه  الفتيات !

يأتي دورى هنا بعد كل تلك السنوات .. أن احميها أنا !  

استجمعت شجاعتي غير المعهودة ،

نظرت إلى برك المياه من حولنا .. كانت الشقه مليئه بها ،

لتقع عينى فى ذهول ! على مجموعة من الثعابين الكبيرة والصغيرة ، 

أخذ بالفعل البعض منها مساره خارج الشقه ،

شعرت بحقيقة الخطر الذى وضعنا فيه ،

يجب أن نخرج من تلك الشقه فوراً .. لا مجال أن أضعها فى خطر بعد الآن ،

لا أعلم ماذا يوجد بعد داخل تلك الشقه الملعونه ؟

بانفعال أخبرتها .. يجب أن نخرج من هنا الآن ،

كان يجب أن أصل لها .. كانت بعيدة عنى ،

و أثناء محاولاتي جذبها ..

قفز تمساح صغير من الماء .. محاولا ً التهام ذراعي ،

ليقذنى القدر .. مفاديا اياة ..  بطريقة لا ادراديه فى آخر لحظه ،

تجمدت مكانى فى صدمه .. أنظر إليها .. وجدتها ترتعش فى ذعر ، لنتأكد .. نعم .. حقا تلك شقه ملعونه ،

يقع على مسامعك ..صوت الصراخ الشديد .. لقد وصلت مجموعه الحيوانات والثعابين الهاربة .. لترحب بهم في الأسفل ،

تلك هى نهايه فضول الإنسان القاتل .. ألم أقل إن فضولها هذا قد يقتلها في يوماً من الأيام !

نظرت إليها ..

ناديت على أسمها برقه .. حتى تنظر لى .. فكانت فى حالة من الذعر  الشديد .. أشفق قلبى علي مشهدها هذا ،

بهدوء أخبرها  .. يجب أن نخرج من هنا ،

لمرة أخرى فى شجاعة .. أعطيتها يدى بدون تفكير ..

لتقفز فى سرعة ،

فى لحظات لم نشعر بها ..كانت أقدامنا تسبقنا .. تهرول إلى الأسفل ،

وبعد أن استقر كل  شيء .. تحدث عم فوزى والجيران مع تلك السيدة .. حيث كانت بالنسبة لهم أهم من أحداث الزلزال ،

لا تعلم كم سببت من صدمه لسكان المنطقة ؟

تبين أن تلك السيدة الغامضة تعمل بالسيرك ..وكانت تأخذ بعض من تلك الحيوانات بحكم عملها .  ولكن يبدوا أيضا أنها هوايه 

محببه تشغل بها بعض أوقات الفراغ ،

ولكن بالطبع نتيجة لخطورتها وخوف الجيران ،

اشتكوا لعم فوزى .. الذى بدورة لم يجد مفر .. سوى فض عقد الشقه مع تلك السيدة الغامضة ،

التى لم أعد أهتم بمعرفة أسمها .. حقيقة الغموض يليق بها أكثر ،

لتغلق شقه الدور الأخير من جديد .. فى إنتظار ساكن جديد ،

أما آن الأوان أن تنتهى تلك المغامرات ؟

يبدو أنها لعنه لن تترك تلك العمارة تنعم ببعض السلام ،

وتعود تلك الفتاة الصغيرة ..لنشاطها من جديد ،

يبدوا أن ما رأيته كانت أوهام اللحظه .. فلم تغيرها تلك التجربه فى شئ .. مازالت كما هى ،

وكالعادة .. لماذا تناديني الآن .. لن أذهب ؟

  " أحمد " 

فى تأفف .. حاضر جاى ! .........





































تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

برأيك هل هناك وجه أو نوع آخر من الإدمان ؟